مات المدير فنعاه الكبير والصغير

مات المدير فنعاه الكبير والصغير
 
 
( لكل أجل كتاب ) والحياة نزول وارتحال , هكذا هي الدنيا منذ خلق الله الأرض ومن عليها الى يوم القيامة ,والحديث عن الارتحال منها حديث يثير المشاعر ويعمق الأشجان في النفس وخاصة إذا كان هذا المُرتحِل عنها ليس فقيد أهله بل فقيد بلدته ومجتمعه ومحافظته ومنطقته ووطنه.
حديثي اليوم هو كما ذكرت حديث يثير المشاعر ويعمق الأشجان في النفس لأنه يختص برحيل علم من الأعلام ومربي من كبار المربين ورجل فاعل جداً في مجتمعه الصغير والكبير إنه حديث عن الشيخ والمربي محـمد بن عبدالرزاق السعيد المسعري الدوسري – رحمه الله - والمولود في جلاجل في 10/8/1346  وتوفي يوم الأحد 23/6/1439 ودفن في مسقط رأسه في جلاجل.
سجل الفقيد حافل بالإنجازات فكما ذكرت آنفاً ومن ذلك على سبيل المثال أنه التحق يالكتاتيب في بلده جلاجل وتعلم القرآن على يد المربي الشيخ فوزان القديري رحمه الله ودرس على يد قاضي الأرطاوية الشيخ علي الغيلان رحمه الله ثم انتقل الى الرياض ودرس القرآن على يد الشيخ محـمد بن سنان رحمه الله ودرس اللغة العربية والتوحيد والفقه على يد سماحة الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله ثم التحق بالتعليم النظامي وحصل قبل 63 عاما على الشهادة المتوسطة وتدرج في العمل الوظيفي فعمل عام 1372 في مدرسة أهلية بالرياض وغلبه الحنين الى مسقط رأسه ومراتع اصباه في جلاجل فعاد اليها وعمل كاتبا في المدرسة المتوسطة ثم مديراً للمدرسة الابتدائية ثم مديراً للمدرسة المتوسطة وأستمر 21 عاماً مديراً لهاتين المدرستين حتى غلب عليه لقب ( المدير ) في جلاجل وعموم سدير وقد تربى وتعلم على يديه الكثير من أبناء جلاجل الذين تسنموا مناصب قيادية مدنية وعسكرية خدموا من خلالها دينهم ومليكهم ووطنهم المملكة العربية السعودية منهم من تقاعد ومنهم من لا يزال على رأس العمل, واستمر رحمه الله في السلك الوظيفي بإدارة تعليم المجمعة حتى تقاعد بناء على طلبه عام 1406 .
أما عن دوره الاجتماعي فهو من المؤسسين الفاعلين لجمعية جلاجل التعاونية عام 1393 ولنادي سدير بجلاجل عام 1396 ولشركة كهرباء جلاجل 1396 وله دور أسري مشهود ومنه أنه شارك في تأسيس صندوق أسرته أسرة السعيد عام 1409 .
وعمل بعد تقاعده إماماً لمساجد بجلاجل وأذكر أنه يجيد تلاوة القرآن في الصلوات الجهرية إجادة تامة وكم كان محباً لسورة القمر حيث يقرأُها كثيراً وبإتقان كبير وخاصة في صلاة الفجر وأستمر إماماً الى حين بدأه المرض وفقد البصر غير أن ذلك لم يؤثر في عزيمته أبداً بل إنه زاد تألقاً في عطائه رغم عِظم بلائه بل هو صابر محتسب ويظهر جَلدَه وكأنه لم يصب بشيء وهكذا هم الكبار.
للفقيد بحي الشعيبة بجلاجل مجلس مفتوح على مدار الساعة لا يمل هو وأبناؤه من استقبال الضيوف وهؤلاء الضيوف لا أقول من علية القوم فقط بل من ضمنهم مجاهيل الناس وضعفاؤهم فلم أزر ذلك المجلس إلا وأجده رحمه الله وأبناؤه يحتفون بالضعفاء والفقراء والمساكين احتفاء كبيراً.
وللفيد مآثر كثيرة وكبيرة منها حرصه على النصيحة والتوجيه بأسلوب رائع جداً , كما له دور في إصلاح ذات البين وفي قضاء الدين وله عناية كبيرة بصلة رحمه ولو بعدت وله مشاركة في يوم الحوامة في العيدين حيث يفرش السجاد أمام بيته وينتظر الأطفال بالحلوى والمبالغ النقدية فيسلمها لهم بيده وهو في غاية السعادة والحبور وكأنه المُعطَىَ وليس المُعطِي.
بين إعلان نبأ وفاته ودفنه من الوقت قرابة خمس ساعات فقط ورغم ذلك ضاق جامع الشعيبة بالمصلين وعلى رأسهم محافظ محافظة المجمعة الأمير الوفي عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل آل سعود حفظه الله وعدد من رؤساء المراكز ووجهاء  المنطقة وكافة أطياف المجتمع ومن ضمنهم عدد كبير من الضعفاء والمساكين الذين بدت عليهم آثار الحزن على فقده لِما وجدوا فيه من حنوٍ ورحمة بهم , وفي المقبرة زاد المشيعون الذين لم يلحقوا للصلاة عليه في الجامع وصلوا عليه بعد دفنه رحمه الله.
رحم الله الفقيد بواسع رحمته وجميع الأموات المسلمين ولا شك أننا ونحن ننعيه    لا نقول إلا إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك   يا أبا عبدالله لمحزونون.
أحمد بن محـمد الجـردان
جلاجل
نشر هذا المقال بصحيفة الرياض بعد حذف جزء منه لظروف المساحة عبر الرابط التالي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ـ رحم الله ـ العم الأمير سعد بن فهد بن سعد بن عبدالمحسن السديري ( امير الغاط سابقا )

قصيدة وصورة

قصيدة ورد